فراشات لا تجري نحو الضوء – الورشة
“فراشات لا تجري نحو الضوء” هو واحد من تسعة برامج رئيسية يقدمها مهرجان القاهرة التاسع للفيديو. صَمَّمَت وقَدَّمَت الورشة كلٌّ من مي الوكيل وسارة الكامل، وقد عُقِدَت الورشة في مدرار للفن المعاصر من منتصف يوليو حتى منتصف أغسطس ٢٠١٩.
سيتم نشر النصوص العربية عبر الإنترنت على https://www.medinaportal.com/
سهير شرارة عن فيلم حُشود: حتى تتدحرج على الأرض ضحكًا
أمنية عادل عن فيلم حُشود: رعشة الرقص التي تعترينا
مريم سليمان عن فيلم تراب: أن تلاحقك تلك الرائحة
مريم سليمان عن فيلم حُشود: مواء
كريم محسن عن فيلم المُرمِم: من يعالج تشققات المدينة؟
هند معاذ عن فيلم في مهب الريح: الذين يحلقون كما لو كانوا طيورًا
هند معاذ عن فيلم فتى كبير: بدون عنوان
مزيد من المعلومات حول الأفلام المختارة في البرنامج هنا.
The English texts will be published online on https://m-est.org/
Hadeer Hamdy on Those That Tremble as if They Were Mad: It Was Horrible. It Was Beautiful.
Nada Fakhry Ismail on The Restorer: What Makes Something Permanent?
Nelly Elmehrek on MASS: Anticipating Demons, The Dancers Run Together and Apart, and Move in Flocks.
Shaimaa Farouk on Punto Agitato: White Grids, Orange Morphs and Open Spaces.
More information about the selected films in the program here.
[flipbook pdf=https://www.cvf.medrar.org/wp-content/uploads/2019/09/Butterflies-aren’t-drawn-to-light_R.pdf]
Butterflies aren’t drawn to light publication (PDF)
حتى تتدحرج على الأرض ضحكًا
سهير شرارة عن فيلم حُشود
-It should be sunny outside today.
{…}
شاهدت الفيلم قبل أن أقرأ ما كتبه الفنان عنه، أردته أن يفاجئني. ثم وجدت نفسي في رحلة راقصة ما بين الخوف والسُكر. لقطة واحدة صُورت في باريس. عشر دقائق يتخللها مزيج من المشاعر المتضاربة، صممت بعناية لتبتلعك حتى تتدحرج على الأرض ضحكًا.
-هل ابتلعت جسدك في داخلك بعد؟
“لا، أعتقد أن هناك فارق في مقاساتي
المساحات تتضاءل من حولي
كما أن شاشتي أصبحت شباكي”
{…}
بدأ الفيلم من شباك غرفة مزدحمة بالأخبار. أسمع ضوضاء في الخلفية تبدو لي كصدى الكتلة المحتشدة بالخارج. ظللت أول خمس دقائق من الفيلم غير متأكدة من مشاعري تجاه البطل. لم أكن متأكدة من البطل، لذا حاولت أن أحدد موقعي من خلف الشاشة. هل أنا جزء من الكتلة أم دخيل عليها؟ لا أستطيع أن أري من خلالهم كما أنهم لا يروني. لكنني ألاحقهم في كل مشهد.
“اللغة؟ ليست دقيقة في أغلب الأحيان
تذكرني بطعم حمضي في فمي
سأحاول ألا اتذوقها،
أريد أن أسبح في وعائي
في كتلتي وكياني،
في مرارة جسدي.”
{…}
تملكني الأداء الجسدي بحركاته البسيطة المستوحاه من الحياة اليومية التي حملت جماليات التكوينات البصرية النحتية. يدفعني هذا لمساءلة كتلتي، داخلي ومن حولي. تعاملت تلك التكوينات مع حركة الكتلة في المساحات دون أن تفقد حميمية الأجساد فيها. بعبارة أخرى، ركز الفيلم على استخدام لغة الجسد كبديل للتعبيرات الشفوية المحدودة، واستبدلها بموسيقى مكثفة ظلت تتصاعد بالتزامن مع دقات قلبي حتى بلغت ذروتها في الدقيقة الثامنة.
-هل اضطرابات العالم جعلتك ضئيلًا؟
“لست متأكدًا من ذلك، ربما لست ضئيلًا
ولكن أشعر أنني ملاحق في كل مكان،
تجدني لأراها،
ثم أقرر كيف أراها،
تعجبني أم أحبها؟
تضحكني أم تفاجئني؟
تحزنني أم تغضبني؟”
{…}
تطور الفيلم في إطار ورشة عمل «دانس أون سين»، وتضمن ٤٠ راقصًا من الهواة. سعى الفيلم أن يعكس الحالة العامة المرهقة المحيطة بنا كمحاولة للتساؤل عن آليات تعاملنا معها. القضايا الاجتماعية المرتبطة بالمدينة وتفاعلنا فيها، تلك التي تتغير باستمرار وفقًا لموقعك الحقيقي أو الافتراضي، لديها النفوذ الكافي لتتحكم في حياتنا اليومية ونراها بوضوح على الإنترنت.
“كيف يمكنني أن استعد؟
أين علي أن أنظر؟
أي باب علي أن أفتح؟
يراودني إحساس دائم أنني مخدر
ربما علي أن أتدرحج قليلًا
أن أكون من الكتلة أو أكون منبوذًا
أن أقاوم أو أترك نفسي للتيار
أن أحاول تذكر ما أعرفه عن الحياة.”
{…}
سهير شرارة، فنانة بصرية معاصرة تخرجت من كلية التربية الفنية بجامعة حلوان. تعتمد في أعمالها على البحث من خلال استجواب الحياة اليومية المرتبطة بالمجال العام في وجود التكنولوجيا. تهتم سهير بالفنون البصرية والأدائية كما تهتم أيضًا بالأساليب التكنولوجية المختلفة وكيف تؤثر على هوية الفن والفنانين. شرارة تختبر استراتيجيات مختلفة تتعلق بالصوت والصورة والنص في وجود الجسد أو غيابه. عرضت أعمالها الفنية في مهرجان القاهرة للفيديو بمدرار، ومركز الصورة المعاصرة (CIC)،و تاون هاوس جاليري في القاهرة، مصر، وكذلك في مهرجان مداتاك في مدريد، إسبانيا.
رعشة الرقص التي تعترينا
أمنية عادل عن فيلم حُشود
بعد يوم طويل من المحاضرات المتلاحقة، فاليوم الاثنين المجمع به كافة محاضرات النظري بالمعهد العالي للباليه، أنا الآن في طريقي إلى مرسم “فارس”، أحد أصدقائي المقربين. اعتدت الذهاب لهذا المرسم الذي يتدرب به فارس وزملاؤه بكلية الفنون الجميلة، الذين أصبحوا أصدقائي مع الوقت.
ستستغرق الرحلة قرابة ساعة من الجيزة إلى مصر القديمة، وبالتحديد منطقة الفسطاط المليئة بالمراسم والبزارات. استقليت المترو في رحلتي، التحمت الأجساد بين راكبي المترو، لاسيما في ساعة الذروة، ارتهنت صورة كتلة البشر المتحركة مع مداخل المترو ومخارجه، بحديث صديقي “فارس” عن الفيلم الذي سنشاهده في المرسم. حدثني فارس منذ يومين عن الفيلم وأذكر أنه يحمل اسم “كتلة\ Mass”، أعرف أن كلمة “Mass” يمكن ترجمتها ككتلة أو قداس، فالحركة الجماعية كالطقس المقدس، مجموعة من البشر يتحركون في اتجاه واحد وينتشرون في الأرض، كما هو حال النمل المجتمع لتأدية مهمة بعينها، ومن ثم ينطلق كل منهم في طريقه لاستكمال مهمته المنوط به تنفيذها.
لم أشعر بالرحلة خلال تفكيري، من درب إلى درب وزقاق إلى زقاق وجدت نفسي داخل المرسم في قلب القاهرة القديمة، لم ينتظروني، فقد تم تشغيل الفيلم. وصلت مع بدايته وشعرت بالانتصار، اسرني وهج اللقطة الافتتاحية للفيلم، بصيص نور يحاول أن يجد لنفسه المجال للظهور من بين أوراق الجرائد الملتصقة، ويد بشرية تحاول لمس الضوء في نعومة.
من شخص إلى مجموعة هذا ما يفسر الكتلة، مجموعة من الأشخاص يتحركون كالسرب المتجمهر، خلال العشر دقائق، مدة الفيلم، تباينت الحركات فتارة يصبحون كتلة متماسكة وتارة أخرى متصارعة، عكست التألف والتوحش بين البشر وبعضهم، ذكرني هذا برقصات موريس بيجار، كم أحب هذا الرجل ورقصاته، امتازت رقصات بيجار بحيوية الرقص وروح الصوفية وهو ما منحها حركة سلسة تشابهت مع أشكال الرقص المعاصر التي قدمت في الفيلم وعكست الحركات داخل الفيلم التركيز على الكتلة وثقلها وتأثيراتها، ففي لحظة تصبح في خفة الريشة وأخرى كالحمل الثقيل.
مع انتهاء الفيلم أشعل “فارس” مقبس النور، يا له من نور كثيف، دار النقاش سريعًا بين الحاضرين للعرض، تحدث أحدهم عن التجريد في الفيلم، وكيف استغل المخرج “فو لو” مكونات بسيطة للتعبير عن أفكار متباينة بهذا الشكل، فموقع التصوير المقارب لجراج كبير خالي تملئه الحركات الراقصة، كما لو كان قاعة مسرحية تعطي الممثلين رحابة للتعبير عن تكويناتهم الجسدية.
التفت لوجود دكتور “حازم” أحد أساتذة فارس في الكلية الذي التقط خط الحديث، قائلًا:”هناك توظيف جيد للجسد ولغته من خلال حركات مزجت بين الرقص المعاصر والتعبير الحر، تزامنت مع إيقاعات الفيلم المتسارعة، كما عكست ملامح المؤديين حالات شعورية متباينة، فهذه التعبيرات يمكن أن نراها في الشارع أو الحرب أو جلسة عائلية أو حتى في المترو”.
المترو، إنها فرصتي للحديث، قاطعت دكتور “حازم” وأنا في ذيل القاعة الدائرية وأردت التعبير عن أفكاري بطريقة منمقة على غير عادتي وقلت: “عبر المخرج عن الأزمات التي يعيشها الإنسان بأسلوب ما بعد حداثي، وجعل حركة الجسد والتكوينات الجسدية هي اللغة التي يتم التواصل بها مع المشاهد، ولم يغفل الوعي الجمعي لنا كبشر واقعين تحت نفس التأثيرات والانفعالات”.
غمزني “فارس” باسمًا ثم قال: “ما جذبني للفيلم هو حركة الكاميرا السلسة والتعبير الطبيعي من خلال استخدام ضوء النهار الطبيعي، ما منح الصورة ديناميكية مدروسة، فأغلب الفيلم متحرك، من خلال حركة الكاميرا وحركة الممثلين، مع هذا هناك لحظات بها ثبات يدعو للتأمل، وأظن أن هذا هو ما يريده صانع الفيلم”.
دعم رأي دكتور “حازم” ما قاله فارس وقال:”أكثر ما أعجبني في هذا الفيلم هو الشوت الواحد الذي استخدمه المخرج، فالعشر دقائق لقطة واحدة طويلة متباينة المشاعر والمواقف، وهو ما يضيف للفيلم قيمة جمالية أخرى، إلى جوار الموسيقى ذات الإيقاعات المتحركة التي أضفت على الفيلم ديناميكية توازنت مع حركة المؤديين”.
خرج أحدهم بسؤال تفكرنا فيه جميعا، حيث قال:”هؤلاء البشر كانوا معًا ويتحركون ككتلة واحدة في كل تصرف حتى وإن كان يحمل العداء أو التوحش تجاه بعضهم البعض، فهل تكون الجماعة نقمة أحيانا؟!”، غلب الصمت القاعة وتذكرت حديث دكتور شوقي بالمعهد اليوم حينما كان يحدثنا عن علم النفس الإبداعي، حينما قال: “إن الفنان يتحرك بناء على ما يحمل من مخزون ومعرفة مسبقة، حتى وإن كانت قابلة للتغيير مع الوقت، لكنه ينطلق مما تلقاه ممن حوله وما حوله، لهذا يعتبر الفرد جزء من الجماعة ويعبر عنها حتى وإن اختلف معها”.
شغلني التفكير في هذه العلاقة المتبادلة ما بين الفرد والجماعة، فالكتلة الحركية في الفيلم نابعة من الأفكار المتقاربة للجماعة نفسها، ولم انتبه إلى دعوة “فارس” الحضور لمشاهدة المعرض المُقام بالمرسم وهو رسومات رسمها هو وزملائه من وحي الفيلم الذي شاهدناه، لكني لملمت فكري وانطلقت مع الآخرين لنقارب بين الفيلم والرسومات التي غلفت جدران المرسم كما هو الحال مع أوراق الجرائد التي حاول بصيص النور اختراقها.
أمنية عادل، ناقدة سينمائية
أن تلاحقك تلك الرائحة
مريم سليمان عن فيلم تراب
الشاشة مقسمة إلى تسعة كادرات
في قاعة يقارب حضورها ذلك العدد
أيقلل ذلك الوحشة؟
ربما يزيدها
تسعة كادرات، لكن الأشياء بداخلها تقف وحيدة
الفنار، الرجل، الجندي، الغرفة والنار
كل الأصوات متداخلة
كلها تزيد خلوة المكان
تبدأ رحلة رجل يعرف نقطة وصوله
فتصبح الحركة ملحوظة في كل كادر رغم وجودها من البداية
ينتقل من مكان لمكان، من صورة لأخرى
متتبعًا مصدر الضوء
كأنما يتم سحب مركبه لهذا المكان
يبدو كل شيء مألوفًا له هناك
التربة، الجندي والجثة
الجندي، أهو صديق؟ أم عنصر آخر يرشده؟
“لا تدع ذلك يحصل لك”
في كل بقعة يزورها الرجل
للتربة رائحة في مكان حراسته
للتربة رائحة في قبر الجندي
للتربة رائحة
رائحة الموت؟
رائحة يألفها الجندي
رائحة لا تتغير
أليست الوحشة صاحبة للموت؟
فلماذا إذن الرجلين يبدوان بهذا التشابه؟
كأنه شخص منقسم لوجهين
فكل شيء يبدو منقسم
يرتب الرجل قبره
يحفر الجندي سريره
وينطفئ نورهما معاً
مريم سليمان صانعة أفلام وممثلة ومؤدية صوتية، تدرس في المعهد العالي للسينما، تعمل منذ ٢٠١٦ في مجال التمثيل وصناعة الأفلام القصيرة.
مواء
مريم سليمان عن فيلم حُشود
تجلس “مواء” أمام شاشة اللابتوب حاجبة نصف الرؤية عن صديقتها -فلا يحق لنا قول صاحبتها أو مالكتها بالطبع- التي تشاهد فيلمًا. كطبيعة القطط تحب “مواء” الأشياء المتحركة، فهي بطلة، تحارب الحشرات المنزلية بأنواعها حتى أنها تلقى تكريمًا هائلًا من صديقتها، تحارب أيضًا كرات الصوف، الأسلاك الكهربية، ستائر المنزل وأحيانًا قد تضطر لمحاربة شعر صديقتها المجعد بشجاعة بالغة. ترى مجموعة من الناس تتراقص أمامها على الشاشة فيثير ذلك اهتمامها، فبما أنها مضطرة للجلوس مكانها ستحب أن تتابع شيء يتحرك، ولكنها تجد أن هناك شخص ما يهرب من تلك المجموعة الراقصة. لا تفهم “مواء” كيف أن حركاتهم لا تثير اهتمامه ليجري خلفهم! لماذا يقاوم؟ تفكر “آه، أعتقد أن كل البشر لا يجيدون اللعب”. ولكنها ليست لعبة صيد بالنسبة له، بل هي لعبة صيد بالنسبة لهم وهو الضحية.
ترى المكان الواسع الذي يركضون فيه وتفكر “مكان بهذا الاتساع لا يوجد به مخبأ واحد؟” تهوى “مواء” الاختباء كما تهوى النوم على ظهرها والشمس تداعبها حتى أنها تعتقد أن الشمس كرة صوف وأشعتها خيوط فتحاول أن تمسك بها بأظافرها في ذلك الوضع ولكنها تفشل في اصطيادها كل مرة. موقع الراقصين واسع جدًا وخيوط الشمس تنتشر من فوقه. يبدو أن رغم اتساعه هناك ما هو أوسع منه في الخارج. ولكن “مواء” مثلهم لا تحب الخروج. يخرج الضحية من غرفة ضيقة إلى مكان أكبر، تفكر “ربما تكون عدة صناديق مختلفة الأحجام، صندوق ضيق أحاول أن أجعله يتسع جسدي لأنام بداخله. كم تبدو فكرة رائعة الآن!”
حركاتهم السلسة واندماجه معهم مرة ومقاومتهم مرة تجعلها ترى إما أنهم صائدون بارعون -مثلها بالطبع!- أو أنه جزء من ذلك الجمع ويحاول ألا يكون. لكن كيف يمكن ذلك؟ لابد أن تغريه أفعالهم وحركاتهم كما تهوى “مواء” أن تتابع من الشرفة قطط الشارع تتعارك، فإذا لم تستطع المشاركة بالطبع ستجعلهم يسمعون صوت مواءها الغاضب، وإذا سنحت لها الفرصة ستكون منتصرة مرة وضحية مرة أخرى، فكيف لها ألا تشارك؟ المشاركة والانتماء غريزة لا تستطيع مقاومتها بل لا تحب مقاومتها.
ألا تضيف الحروب والألم والموت شيئًا لهذه الحياة كما يضيفه الحب والضحك والرقص؟ أينبغي أن ندع الأحداث كلها تحملنا كالموج؟ أم نقاومها؟ هذا يذكرها بأنها لا تحب المياه على الإطلاق فتلعق جسدها تجنبًا أن تشك صديقتها في نظافتها وتجبرها على الاغتسال، كما تكره المياه تكره أيضًا الموسيقى، لكنها تشعر أن موسيقى الفيلم لا تزعجها بهذا القدر، تشعر أنها نابعة من حركة، فالكادر يتحرك، الأشخاص تتحرك والموسيقى تبدأ في مجاراتهم، كل شيء يتحرك أمامها في هذا المكان، المكان الفسيح الذي تعطيه خطوطه الطولية والعرضية في الخلفية شيئًا من الثبات، فقط كل ما يحدث فيه يحاول أن يحركه.
تراهم يجرون ربما يحاولون الخروج رغم أنها لا تظن أنه يوجد باب من الأساس، يجرون تاركين خلفهم قطع من ثيابهم وقد ظنت أن الشال الأحمر الملقى أرضًا بقعة دم فسرعان ما تتذكر الجرح الذي في قدمها التي تكره أن تلمسه صديقتها ظنًا منها أنها تستطيع معالجتها، تنهض وتنزل في هدوء وتختبئ في الصندوق الورقي تحت سرير صديقتها وتحرك ذيلها ببطء.
مريم سليمان صانعة أفلام وممثلة ومؤدية صوتية، تدرس في المعهد العالي للسينما، تعمل منذ ٢٠١٦ في مجال التمثيل وصناعة الأفلام القصيرة.
من يعالج تشققات المدينة؟
كريم محسن عن فيلم المُرمِم
في فيلم المُرمِم نجد فنانًا يحاول ترميم ذاكرة المدينة، حاملًا حقيبته على ظهره، ممسكًا بعلبة الرش، منكفئًا يحاول سد الفجوات ومُداواة التشوهات. بروح فنان يبحث عن المستحيل، يستمر طوال الفيلم في إكمال لوحته الخاصة.
تبدو عملية التذكر كأنها تحدث على هيئة انقطاعات، ليست الذاكرة حلقة متصلة من التسلسلات، تنتظم في علاقات سببية ومنطقية، لكنها مجموعة من الشذرات والصور والأحداث والكلمات والمشاعر، تتشكل في أذهاننا باستخدام نوعًا ما من المونتاج الداخلي. انقطاعات، فجوات، فراغ، حالة من الإبهام أو بالأحرى هالة من الضباب.
يبدو أن مرور الزمن لا يمكن محو أثره بسهولة، يترك بصمته ويحفر وجوده مثل ندبة في الوجه، تتهالك المدينة مثل عجوز مع الوقت ويبدأ وجهها الشاحب في التشقق واليبوس. تتصدع ذاكرتها كإشارة لضربات متلاحقة من قبضة الزمن. محاولة علاج تشققات المدينة نراها في الفيلم محاولة سيزيفية، كلما استمر الفنان في عمله يبدو الوضع لا يحدث فيه تقدمًا ملحوظًا. إبهام وفجوات في الذاكرة والتاريخ والمعرفة، كلما ازدادت محاولات الترميم، تبدو من بعيد كالنبش في الفراغ.
نلاحظ اهتمام داريو ريتشاردي في أعماله بطبيعة عمل الذاكرة، نجد في فيلمه The Interpreter، 2011 تجسيدًا للانقطاعات والفجوات، شاشة سوداء تفصلنا بين مشاهد تتكرر لشاب محبوس داخل إطار تصوير كاميرا الفيديو، فواصل من الإبهام، ترسم لنا تصورًا عامًا عن آلية عمل الذاكرة. كأن الكاميرا مزروعة بالفعل داخل ذاكرة أحدهم.
تتشكل الذاكرة الفردية داخل ذاكرة اجتماعية وتتفاعل الذاكرات الفردية مع بعضها البعض لتشكل ذاكرة اجتماعية كبرى، يولد الفردي من رحم الاجتماعي، ويتبلور الاجتماعي من كثرة من الفرديات، لذلك نصل مع الفيلم إلى حالة يبدو فيها سعي الفنان الدؤوب هو محاولة لترميم الداخل قبل الخارج، يبدو أن الضباب يكتنف كل شيء، العام والخاص يتشابكان يمتزجان لدرجة تجعلنا نتساءل عن مكان حدوث الفيلم، هل يحدث داخل ذاكرة الفنان أم ذاكرة المدينة؟ ما الحد الفاصل بين مدينته الخاصة والعامة؟ تبدو المدينة كتعبير عن ذاكرة اجتماعية، هوية مشتركة تستحق،-من وجهة نظر الفنان، عناء الترميم السيزيفي.
يبدو أثر الزمن عليهما ـ-ذاكرة الفنان والمدينة-ـ مثل نسيان لا يمكن الفرار منه، لذا محاول الترميم تمثل إعادة بناء الذاكرة من الخيال، بعدما فعل النسيان أفعاله.
يتكون الفيلم من مشهد واحد، كمحاولة لنحته على حوائط ذاكرتنا، بدلًا من التشتيت، حيث يضعنا داريو ريتشاردي في حالة تأمل تستمر لمدة دقيقة ونصف، كأن عمله قائم على محاربة النسيان. نجد ذلك يتكرر في فيلمه Summer, 2014،اللذي يتكون من مشهد واحد لفتاة تسبح داخل حمام سباحة، ويتركك الفيلم تتأمل حركتها المربكة في البداية، هل تسبح للأمام أم للخلف؟ عندما تتضح حركة سباحتها، يكون الفيلم بالفعل قد انتهى.
يدفعني الفيلم إلى طرح أكثر من سؤال، أولهم، لماذا يبحث الفنان في الفيلم عن الترميم ومحو آثار الزمن بدلًا من ابتكار مساحة وأفق جديد؟ مع نهاية الفيلم يعود الوضع كما هو عليه، مجرد استخدام عبوة الرش يشبه وضع منديل على جرح غائر، ينزف دماء بلا توقف.
إذا فشلنا في سد الفجوات، لماذا لا نشكل ذاكرة جديدة، تولد انقطاعات وفجوات جديدة أيضًا، طالما أن الجروح والتشققات، أشبه بخيوط تغزل نسيج الوجود والموجودات. لا أقصد هنا نوعًا من الحتمية أو رغبة في قول “أن هذا قدرنا الجمعي”، لكن هو مجرد محاولة لوضع إصبعي على ظاهرة تكتنف الوجود.
نرى في الفيلم محاولة تأسيسية ليوتوبيا مُتخيلة، داخل الفنان وخارجه، يبدو أنه يبحث عن كماله الذاتي، يحاول ترميم تشققاته الداخلية والخارجية، بدلًا من البحث عن طرق لخلق ذاته من جديد وابتكارها، يسعى جاهدًا للقبض على زمام ذاته والتنقيب داخلها.
“لماذا يظل ذلك الفنان محبوسًا في ذاته وذاكرته؟” طرحت ذلك السؤال على نفسي بعد انتهاء الفيلم مباشرة.
يبدو الفيلم سجينا لماضيه، لم ينفتح على المستقبل أو ينقب عن مهرب ما، لكن ظل الفيلم مخنوقًا بسلطة الذاكرة والذات، مُكبلًا بأوهام كماله. لذلك فضلت استخدام لفظ “منكفئ” في مستهل حديثي عن الفنان الذي يرمم ذاكرته/ذاكرة المدينة، حيث لم تفارق عينه موضع عمله الترميمي، لم يرفع رأسه لاستنشاق نسمات الهواء وملاحظة أن عمله لم يتحرك بعد من نقطة الصفر.
كريم محسن كاتب وقاص، شارك في مشروع “قصص القاهرة القصيرة” الذي نظمه معهد جوته في القاهرة عام ٢٠١٨. نشر عدد من القصص القصيرة والمقالات في مواقع ومدونات مثل: موقع الكتابة الثقافي، موقع BoringBooks ـ كتب مملة، مدونة ختم السلطان. يعمل الآن على كتابة مجموعته القصصية الأولى.
الذين يحلقون كما لو كانوا طيورًا
هند معاذ عن فيلم في مهب الريح
“الوطن ليس شرطاً أن يكون أرضًا كبيرة، فقد يكون مساحة صغيرة جدًا حدودها كتفين.”
ظلت تلك الجملة لغسان كنفاني عالقة برأسي طوال رحلتي وأنا أحلق فوق أراضي واسعة، لا أستطيع أن أجزم إلى من أو أين تنتمي، هل كانت خاضعة لإقطاعيِ كبير أم أممها عبد الناصر، فأعطاها لأسرة فقيرة؟ أيمتلكها فرد واحد؟ مجموعة؟ دولة؟ ما هي الحدود السياسية التي تقسمها؟ لماذا أستطيع أن أرى تخطيطًا فريداً مثل كراسة رسم بداخلها تقسيم دقيق لمساحات الأراضي المختلفة وطرق التعامل معها، كما لو كانت قد خطتها أيدي عليا قررت أين يبدأ وإلى أي حد يستمر كل لون في الامتداد؟
لا أدري كم سنة غبت عن الديار.
أنا طائر بسيط، أرى جيدًا بعيناي ورغم ذلك لم يثقوا في منظوري الطبيعي فأضافوا لي أعين تستطيع الرؤية، المراقبة، التقصي، التحليل والتسجيل. لا اعرف ما الذي يسعى الإنسان لتسجيله من زاوية رؤيتي، فهي زاوية بعيدة عن منظور وحدود رؤيته، لماذا يريد أن يرى ما لم يسمح له به؟ يدور هذا السؤال بذهني طوال رحلاتي من والى نفس الأماكن كل عام، كان يترآى في بداية الأمر أنها رحلات شيقة… التنقل المستمر في نظر البعض يقلل من رتابة الحياة ويبعث في النفس شعوراً أعجز عن وصفه. فالتنقل بالنسبة لي هو شئ ممل جداً لا ادري لماذا، ربما لاني اسافر من وإلى نفس الأماكن منذ ولدت إلى أن أفارق هذا البعد من الحياة ، فالطيور لا تموت ولكنها تحلق بعيداً، ذاهبةً إلى بعد آخر لم أدركه بعد، والذين ادركوه لم يرجعوا إلى بعدنا الحالي ليخبرونا عنه. رغم تركيزي الدائم في المشاهد التي أمر فوقها من أراضيِ زراعية لبيوت اسمنتية لأنهار وقنوات مياه إلا أنني لا أقدر على حساب الأيام، ف الأيام في قاموسي هي تعاقب الليل والنهار بشكل روتيني، يخلو من الإبداع. طالما كان هناك إبداع بسيط في تباين الألوان بين الشمس والسماء والمزارع الخضراء، تلك التي كنت أمر عليها كثيرًا واتعجب من مدى ازدهار الألوان وعدم بهتانها رغم الزمن. رغم انني اعتادت عيناي على تغيير الألوان وشحوبها إلى أن تصل إلى الرمادي وتختفي. كم من اراضٍ حلقت فوقها وكانت خضراء، وفي رحلات اخرى انطفئ لونها وشحب، وبمرور الرحلات والشهور والسنين يبدأ اللون الرمادي الخرساني بالظهور وتبدأ البنايات بالنمو متجهة نحوي كما لو كانت تريد أن تحلق معي.
رغم ذلك لماذا تظل بعض الأراضي ذات رونق خاص ولون أخضر مميز تجذب انتباهي من على بعد أميال وأنا معلق بين السماء والأرض؟
لا تحدثني عن الكلوروفيل ودوره في اخضرار الأوراق، كم من نبتة ماتت وانتهى الكلوروفيل من أوراقها ومالت للاصفرار والشحوب والتعب؟ لا تحاورني بالعلم، أنا مجرد طائر أحلق لأرى الأمور من منظور أبعد لم يكن من اختياري، كما لم يكن اختيار الأرض أن يذبل خضارها وتتحول لمساحة من الخرسانة، منظور عين الطائر كما كانوا يعلمونكم في المدارس الفنية خلال محاضرات الرسم الهندسي. أنا ممتن جدًا لاهتمام الإنسان رغم كل الزوايا التي يستطيع أن يتطلع على المشاهد من خلالها، ولكنه يهتم برؤية العالم من منظوري أنا، فقد اخترع الاجهزة التي يسرت له تسجيل ما أراه، ليطلع عليه مرارًا وتكرارًا في أي وقت وأي مكان، ولكني امتلك مالا يمتلكه الإنسان، فأنا اطير واحلق بعيداً، دون أدوات، طائرات أو استعدادات نفسية للرحيل. أهاجر كل عام سعيًا وراء المأوى والغذاء، عشت حياتي احلق بين هنا وهناك، لدي استعداد تلقائي للتحرر من القيود والتحليق دون انتظار. أنا اقوى من انتظار استعداد نفسي للرحيل، ولكن .. احتاج استعداد نفسي للتأقلم على الألوان الخرسانية الجديدة، ألوان حلت محل الكلوروفيل الأخضر الذي طالما ملأني بالحيوية والنشاط. وإذا سُئلت عن مفهوم الوطن مرة أخرى سأجيب كما أجاب غسان على صفية حينما كان راجعًا إلى حيفا، فقال “الوطن هو ألا يحدث ذلك كله.”
هند معاذ فنانة بصرية متعددة الوسائط، تعمل بالقاهرة منذ ٢٠١٦. تخرجت من كلية التربية الفنية عام ٢٠١٨، ثم التحقت ببرنامج ستديو روزنامة لمدة ٦ أشهر، يعتمد شغل معاذ على البحث التاريخي والأنثروبولوجي والفني. عرضت أعمالها في معارض جماعية بمصر بما فيهم روزنامة ٦ و٧، و موبيليتاتاتي وكايرو ٣٦٠ في سويسرا، كما عرضت بالنسخة الثامنة من مهرجان القاهرة للڤيديو، وكايروترونيكا بمصر، ومهرجان ماداتاك بمدريد، إسبانيا، ومهرجان تايم لاين بالبرازيل.
بدون عنوان
هند معاذ عن فيلم فتى كبير
مرحبًا
أتسمعني؟
كيف تشكلت هذه المرة؟
نعم أقصدك أنت.
لا أستطيع رؤية حدودك ولكني أشعر بثقل وزني.
فأنا ممتد من أقصى الشرق لأقصى الغرب.
في أي شكل تشكلت خلاياي الجديدة؟
هل انا دائرة؟
مثلث؟
ضخم؟
صغير؟
أنثى أنا أم ذكر؟
لا أرى
ولا أستطيع الوصول لأطراف أناملي
هل يمكن لحواسي المتاحة استكشاف واقعي المحيط؟
أو على الأقل الاطلاع على حدود جسدي؟
من أين بدأت وإلى أين تمتد؟
لست كتلة، أشعر إنني خفيفة جدًا، ولكني أحمل الكثير من الأشياء
ربما حملتها معي من عوالم أخرى سابقة، وجئت بها إلى هنا كي أكمل رسالتي
أي رسالة؟
لا أدري من أين جئت ولأي مدى ستأخذني الخطوة
أي خطوة؟
لا أدري إن كنت امشي، احبو، اطير، اتدفق ام اثور
كل ما أعرفه إني بدأت باستيعاب وجودي في هذا المكان
أي مكان هذا؟
ربما كنت في مكان آخر يشبهه منذ عدة آلاف سنة
وتعبت
وتلفت
وتحللت
ولم أفنى
ولكنى استُحدثت في عالم جديد
ضمن العوالم الكثيرة التي عشت بداخلها
وبعضها عاش بداخلي
لا أتذكر كم مرة أعاد تصنيعي
من دابة
لإنسان
لنبتة
لرياح
لإله
اكاد اجزم إنني مررت بتلك المراحل دون تردد
احتضنتني عوالمي الكثيرة
ولازالت تزداد العوالم التي أعيش خلالها.
فأنا لا أعيش في العالم
أنا أصنعه
بل اكتشفه
هل يسمعني أحد؟ أم أن هذا هو صوت بداخلي يحدث نفسه بنفسه؟
لا اسمع أحدًا
ولا أرى حدود جسدي المبعثر
ولكني اشعر بالتعب
لا ادري ما الذي يؤلمني تحديدًا
أشعر إني أطفو
هل أنا قارب؟
أم إنسان كفيف؟
أم زجاجة تحتفظ بخطاب؟
ربما ذلك الخطاب هو الثقل الذي أشعر به
الرسالة التي لابد أن انقلها خلال العوالم المختلفة
أي رسالة؟
من أين؟ ولمن؟
هل تسمعني؟
أحاول إيجاد نفسي!
فانا ابحث عن حدود جسدي!
هند معاذ فنانة بصرية متعددة الوسائط، تعمل بالقاهرة منذ ٢٠١٦. تخرجت من كلية التربية الفنية عام ٢٠١٨، ثم التحقت ببرنامج ستديو روزنامة لمدة ٦ أشهر. يعتمد شغل معاذ على البحث التاريخي والأنثروبولوجي والفني. عرضت أعمالها في معارض جماعية بمصر بما فيهم روزنامة ٦ و٧، و موبيليتاتاتي وكايرو ٣٦٠ في سويسرا، كما عرضت بالنسخة الثامنة من مهرجان القاهرة للڤيديو، وكايروترونيكا بمصر، ومهرجان ماداتاك بمدريد، إسبانيا، ومهرجان تايم لاين بالبرازيل.
It Was Horrible. It Was Beautiful.
Hadeer Hamdy on Those That Tremble as if They Were Mad
He was trying to tell a story about something that happened in a city.
“I can’t find the line between reality and science fiction. It was an optical illusion!” he said.
He called himself ‘The Glitch Monster.’
He saw it all:
It was horrible.
It was beautiful.
He can’t stop hearing the woman screaming.
Salma was standing quietly, shielded from the violence:
Watching, observing, and printing.
She couldn’t stop.
It’s absolute chaos in here.
It’s out of control.
Panic, mixed feelings, and fear of both the unknown and the known.
She has a lot of sympathy for that place, which she knows by heart.
Tales of the past, the wasted moment, hold no meaning right now.
No breadth.
Beginnings can be seen in the mirrors,
and the ruins at the end are clear.
We have endless photos and images, but who will tell the story?
Though they all know it, no one dares to speak.
Are you going to find truth all on your own?
Alone?
Hadeer Hamdy (b. 1991, Alexandria, Egypt) is a visual artist based in Alexandria. Her practice explores topics such as science fiction and the future. She currently participates in MASS Alexandria’s Studio and Study Program, and is preparing for an M.A. in Art History and Research at the Faculty of Fine Arts, Alexandria University. She holds a B.F.A in General Painting from the Faculty of Fine Arts, Alexandria University.
What Makes Something Permanent?
Nada Fakhry Ismail on The Restorer
Do these parallel white lines signify my right to be on this road? Or do they push me all the way to the periphery and signify the size of my rights? Does their existence here testify to their absence elsewhere? Or does it testify to their precarious nature? Lines and systems that do not sustain themselves, lines made to fade: Who are they for?
Should we try to restore them? Or should we, instead, try to destroy them? Does restoring these systems challenge their short-lived dispositions?
What if we drew massive white lines and plastered them all around an entire country that doesn’t have them. Is that all it takes?
Would we suddenly have rights? Will cars stop when my feet touch
the very first line?
If The Restorer paints over every hole in every line, what will fade first?
Will it be the paint, where the holes were? Or will it be the larger spots
that haven’t yet been painted over?
Does it matter what fades first?
Who is to blame? Should we blame the paint? The roads?
The people who use them? Should we blame the neon green man
for letting people step on the white lines? What about the asphalt?
Should it be scrutinized for failing to confine paint in its porous surface?
Or maybe, we should blame the futility of individual action,
for not faring up against the systems it attempts to restore.
Does everything need constant restoration? What happens when
our rights are eaten away like the white lines of a zebra crossing,
stepped on over and over? Who is to blame?
Foam bubbles away and temporarily
conceals the cavities.
What makes something permanent?
Is it time? More time?
Does that mean a year is better than an hour? Always?
Nada Fakhry Ismail is a multidisciplinary artist, writer and curator born in Cairo. Her body of work ranges from video art to performance, photography and academic research. She has most recently facilitated Coffee and Cream, a poetry workshop at ONCA, a Brighton-based gallery. She received her BA in Philosophy, Politics and Art from Brighton University.
Anticipating Demons, The Dancers Run Together and Apart, and Move in Flocks
Nelly Elmehrek on MASS
We should always breathe before we dance,
and breathe as we dance.
He finds his spot among you. Meanwhile, you are consumed with yourselves. You don’t yet hear the music. You are all inside of your heads. You are trees that will not move but dare to swing, turning your back to the light. You’re a unit, moving at once; in the same moment/pace/direction. You run together and fear the same things, listening to each other’s intentions so you move as one.
You slow down to observe the space you occupy. Together, you laugh so hard, you become louder than music, louder than music’s heart. The girl at the back falls alone at the center, her body convulsing as she remembers.
You split up, but the running continues. You want to help them, but you also want to save yourselves. Run, thrust, walk… It’s a funeral. Where does everyone go? When he finds you again, you argue about movement itself; who hides and who seeks?
You bring your balance back
and run towards the light.
Nelly Elmehrek is an educator who works with primary-school children. She likes writing, dancing and films.
White Grids, Orange Morphs and Open Spaces
Shaimaa Farouk on Punto Agitato
It’s 10 a.m. when Point shows up to his interview for a paid internship at a prestigious production house. Point is a slim man in his mid-twenties, dressed in khakis, a navy blue gingham shirt, and a pair of round brass glasses. Point’s interview is with the Senior Creative Director, Wade, who is significantly taller and about a decade older, his head shaved, donning grey pants paired with a grey shirt, its sleeves casually rolled-up.
Wade: Let’s sit over there. Looks comfier, right?
Point: Sure, why not?
Wade and Point head to a more casual corner of the office, with comfortable chairs, a LED screen, a simple coffee table, and a window overlooking a tiny garden. The intimidatingly-long meeting tables are almost out of sight. It was Point’s first hint that this would be an unusual interview.
Wade: I want you to watch this film and tell me what you see, Point. It’s only 11 minutes long.
Point: Ok, sure.
Point takes out a little notebook and an ink pen, and tries hard to focus and take notes. Wade leaves him in the room to go check on a project’s progress with one of the graphic designers inhouse. Point struggles to keep up with what he’s watching, how he’s feeling, and what he’s writing. When the film ends, Point stares blankly, panicking a little on the inside. When Wade walks into the room, he catches Point reaching for his laptop, hoping to replay the film.
Wade: So, tell me what you saw.
Point: It’s like all the cells of a body could–
Wade: No, that’s too obvious.
Point: But I–
Wade: Watch it again please.
Wade leaves the room, leaving Point sitting there puzzled. He presses the replay button. This time, Point doesn’t write down any notes.
Eleven minutes later, Wade returns.
Wade: So? Any fresh perspectives?
Point: Well, I imagined it as how politicians–
Wade: No, no politics. Watch it again please.
Eleven minutes later, Wade returns.
Wade: So?
Point: Can you give me five more minutes please? I need to jot something down.
Wade leaves him for closer to 15 minutes before he returns. As if possessed by an eloquent ghost, Point speaks for what feels, to both of them, like an hour.
Point: Well, let’s say I’m in this room, alone, excited, and confused. But I know one thing: I have paths that I want to take, grids that define who I am, and clear lines that I have drawn for myself and my community. Let’s say I have found someone out there who’s just like me, then another, then another. Now, let’s say we found each other and our dreams grew bigger and bigger through various constellations, while we still held onto one thing – our lines. We know we’re not there yet, we know we’re confused, we know we may seem like boring conformants, but we know we’re getting to where we want to go. Now, let’s say worms start to wade through our sphere; worms are good, but sometimes they can eat away at your elements. So we allow them passage, but refuse direct communication.
Now in a parallel universe, let’s say the bigger groups exist, the bigger houses – houses just like yours. You’re out there discussing and creating ideas into your voids with no lines to stop you, yet these ideas never leave your rooms. Your chosen jingle sounds scary and you are visually irritating, but you choose welcoming and warm youthful shades of red and orange so that when you morph with the crowds, you look safe. You’re cooking something up, something big, something even you are nervous about. You try to get all the help you can get from your allies.
Now, our space seems empty as we spread out to find the answers and come back again, so you send in basic, harmless-looking shapes that look a little like us. They swim around in our space and through our lines; they start to have a little order themselves. Some couldn’t take this encounter so they left, while others tried to understand and started to produce their own contours and discover their own lines. They start to feel the energy we left behind, and, for some of us, even our worm nomads have stayed there in our space, keeping it alive until we got back. Now some of the unmorphed beings from your big houses decide to drop in on us when they get this alarming news; of togetherness, collaboration, coexistence. They had to explore. But they couldn’t stay a second longer, and abruptly left.
Wade: Why did they leave?
Point: They couldn’t take the lines.
They sit in silence for a minute. Wade looks at him, tries to hide that he is equally impressed and puzzled. Point gets a little boost of confidence all the same: he feels he did well. But also, a strange feeling crawls into his chest: did he really want to work for Wade?
Wade: So, this is your interpretation of a bunch of turbulent points on a black background. I actually find it good, yet weird. Why would you apply for a job at a big house like this one when you clearly prefer your little lines?
Point: I don’t know. I really don’t.
Wade: Well then, I would have to ask you a very basic, grid-like question: Why should I hire you?
Point: I don’t really have an answer to that. But, thank you for making me watch this film three times in a row. I would appreciate if you would give me the time to figure this one out. Could you give me three days?
Wade: We’ll talk in three days then, Point.
Shaimaa Farouk graduated from the Faculty of Fine Arts’ department of Set Design for Cinema, Theatre and TV. She is currently an Assistant Lecturer at the Cinema and Theatre department at MSA University’s Faculty of Arts and Design. She is also a freelance Art Director.