تُعبِّرُ الأفلام العشرة القصيرة والمختارة ضمن هذا البرنامج عن حالة معينة من التعلق بين الظل والسطح، من التشابك بين الطبيعة وما هو ذاتي وما هو رقمي. لمست هذه الحالة لأول مرة خلال مشاهدتي «ماذا يكون المرء بدون ظله؟»، وهو فيلم قصير لطيف يستخدم تأثيرًا رقميًّا يشبه تأثير التمويه المستخدم في فيلم «بريداتور» (۱۹۸۷)، ولكنه هنا يتلاعب بشكل حبيبين يسيران في الطبيعة. التمويه هو تكتيك يُستخدم للتخفِّي، سواء لإخفاء المظهر أو الموقع أو الهوية أو الحركة. في فيلم «بريداتور» (أو المفترس)، المفترس هو كائن فضائي متطور يستخدم شكلًا من التمويه الرقمي من أجل مطاردة وافتراس الغرباء عن البيئة المحيطة. كنت أتساءل في أثناء مشاهدتي «ماذا يكون المرء..» عما إذا كان الفيلمُ يُحاولُ أن يعبرَ عن أن هذين الحبيبين هما غرباء عن أنفسهم وعن الطبيعة، أو أنهم أنفسهم في طور التحول إلى المفترس الذي سوف يطاردهم. بينما يلقي الجسد الموجود في مستوى بظله على مستوى آخر، فإن هذين الشخصين ليس لهما ظلٌّ، بل يبدوان في هذا المشهد الريفي الرقمي وكأنهما عالقان بين سطحين أو واقعين، وفي الوقت ذاته، كأن لا وجود لهما. لقد جعلني هذا الفيلم أفكِّرُ كثيرًا بحالة الالتصاق التي تتسم بها الأسطح. فإن في قصائد الحب، أو في النصوص المكتوبة عن الطبيعة والبيئة، أو في الدراسات السمعية البصرية السينمائية، هناك دائمًا فجوة بين عالمين؛ حيزًا بين نقطتين. هذا الحيز هو المساحة التي نحاول بلوغها لكي نخلق بُعدًا ما، أو لنجد مغزًى أو نضيف قيمة ما، أو لكي نلمح أثرًا مِن السحر. أما هنا، يولِّدُ هذا المسطح اللامتناهي شعورًا بالالتصاق؛ حيث ما من فجوة أو مساحة يمكن أن نطالها، فيخلفنا بإحساس بالوجود المادي الواهي. العديد من الأفلام في هذا البرنامج يستكشف هذه الحالة ويخوضها. ويعمل الوسيط الرقمي للصورة كأداة لاستكشاف هذه الحالة وكمسبب لها أيضًا، حيث غالبًا ما تجمعه علاقة متوترة مع الفضاء (الحقيقي) للمعمار والطبيعة. ولكن ما الذي يُحسب فضاءً حقيقيًّا الآن؟ في هذا البرنامج، نشاهد ظلالًا مغتربة في كون افتراضي مطرد الاتساع (مسيرة الموت / March of Death)، وأجسادًا تتحول إلى أسطح رقمية (ماذا يكون المرء بدون ظله / What is a Man Without a Shadow)، وملاحظة للتفاصيل الدقيقة لحركة الجسد على فيلم أنالوج مرسوم، فيما يشبه محاولة تعلم إحياء الذات إيروتيكيًّا من جديد (الذكريات وحدها لا تكفي/ Memories along are not enough)، وتنظيمًا راقصًا لحركات آلية أشبه بالطقوس العلاجية (Shifts 1 نقلات)، وصوتًا عاجزًا إذ يبتلعه الذكاء الاصطناعي (أموال طائلة / Tremendous Cream) ومحاولة للعثور على الروابط الحميمية من خلال لعب دور شخصية في فيلم على كروما خضراء (كيف اخترت أن أمضي المتبقي من سنواتي الإنجابية /How I Choose to Spend the Remainder of my Birthing Years)، وصورًا من القمع الذي تنتجه العنصرية الرقمية في الفضاء الحقيقي (الحق في النظر / The right to see)، ومحاولة للتعافي في الطبيعة؛ حيث يعجز حتى الحيوان عن التكيف (الدب المضطرب والقصر / The Troubled Bear and the Palace)، وشفرة من نجم ميت يتم تلقيها في شكل إشارات راديو هي بمثابة ميم هائل يسبق وجوده الإنترنت ونتحول نحن من خلاله (استحواذ / Appropriation)، وجسدًا يتحرك في رقعة من الطبيعة شديدة السطوع لدرجة أننا نكاد لا نرى أن ما يربط ظله بأبعاده هو صوت كل خطوة يخطوها (تجمد / Frozen Out). يتخلل البرنامج عناوين داخلية تم اختيارها بمشاركة إسلام شبانة وصممها ستوديو « ٤۰ مستقل 40MUSTAQEL» . تقدِّم العناوين من خلال اللغة خطًّا موازيًا للأفلام المختارة، فنتحرك من خلالها عبر مستويات وأسطح مختلفة. اختيار الأفلام وبرمجة: ملك حلمي
.